أرسلت وداد بوشماوي رئيسة منظمة الأعراف العديد من الرسائل المهمة في اتجاه الجميع: الحكومة والمعارضة والمجتمع المدني والمجلس التأسيسي والرأي العام ، مؤكدة في لقاء ودي مع أصحاب المؤسسات الإعلامية على الدور المحوري لرجال الأعمال وأصحاب المؤسسات في انقاذ تونس وإنجاح مسار الانتقال الديمقراطي، ومنبهة إلى خطورة تغييب رجال الأعمال عن المحطات المهمة وعدم استشارتهم في الملفات الوطنية.
وقد أطلقت وداد بوشماوي باسم الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة مبادرة للحوار الوطني يوم 11 ماي القادم ستوجه فيها الدعوة إلى المجلس التأسيسي والقوى السياسية والنقابات والمجتمع المدني إلى جانب ممثلين عن الحكومة ورئاسة الجمهورية.
كما احتجت رئيسة المنظمة على تغييب أصحاب المؤسسات عن جلسات الحوار الوطني، مشيرة إلى الدور المهم الذي قام به رجال الأعمال في دعم انتعاشة الاقتصاد التونسي بعد الثورة والتحسن الملحوظ في التصدير. متسائلة: كيف تذهب جميع الأحزاب إلى اتحاد الشغل ولكن لا أحد سأل عن مشاركة أصحاب المؤسسات؟
ونبهت بوشماوي إلى الصورة السيئة التي أصبح عليها رجال الأعمال بسبب سوء معالجة ملف الممنوعين من السفر وملف المصادرة والذي يحتاج الى وضوح ومعاجلة سريعة وشفافة.
التسييس وفوضى الاضرابات
الرسالة الثانية التي أطلقتها رئيسة منظمة الأعراف كانت حول استقلالية المنظمة حيث أكدت بوشماوي أن لامجال لاستغلال أصحاب المؤسسات في الحملات الانتخابية وأن الاتحاد يقف على مسافة واحدة من الجميع، كما تحدث بعض أعضاء المكتب التنفيذي على التسييس الواضح لعدد من الإضرابات وأن عدد من أصحاب المؤسسات يتعرضون للاهانة والضرب من قبل بعض المنفلتين كما أن 10 في المائة من المضربين يمنعون 90 في المائة من الحق في العمل في الكثير من الحالات.
دسترة الحق في العمل
ولذلك أكدت رئيسة منظمة الأعراف على ضرورة تولي المجلس التأسيسي دسترة الحق في العمل إلى جانب الحق في الإضراب قائلة: لقد فقدنا قيمة العمل في تونس، فبلادنا فيها الكثير من الاوساخ وهناك عدم احترام للقانون حتى في الطرقات، وهناك تسيب في الكثير من المؤسسات الاقتصادية. وأضافت: العمل هو القيمة الأساسية التي نريدها لأبنائنا وهي السمة الأساسية للمجتمعات المتقدمة. فنحن بإمكاننا أن نعمل أحسن وننتج أحسن. كما أكد بعض أعضاء المكتب على تضخم المطلبية مقابل تراجع قيمة العمل وقال أحدهم: لقد قبلنا بالزيادات في الأجور رغم الصعوبات من أجل مستقبل تونس، ولكن الإضرابات يجب أن تكون طبقا للقانون ويجب أن يحترم حق العمال والموظفين في العمل أيضا، مشيرا إلى أن العديد من المؤسسات أغلقت وأخرى ربما تغلق بسبب كثرة الإضرابات والاعتصامات التي يبدو أن اكثرها يتم لأسباب سياسية وتم ذكر معمل المغيرة لقطع الطائرات الذي غادر تونس. فإذا كان حق الاضراب امر قانوني وشرعي فإن غلق المؤسسات بالقوة والاعتداء على أصحاب المؤسسات أمر في غاية الخطورة.
كما أكدت رئيس المنظمة على تشجيع الأعراف للمبادرة الخاصة وان الوظيفة العمومية ليست فقط هي الحل للقضاء على البطالة.
صورة تونس في الخارج
بوشماوي وبقية أعضاء المكتب التنفيذي أكدوا خلال حديثهم مع الإعلاميين على الصورة السيئة التي أصبحت عليها تونس في الخارج بسبب حدّة التجاذب السياسي وما تبثه وسائل الإعلام من تناحر في البلاتوهات، ثم بسبب عمل بعض اللوبيات في بعض الدول ضدّ مصلحة تونس الاقتصادية وهو ما يتطلب جهدا كبيرا من رجال الأعمال ومن الحكومة ومن الطيف السياسي لنقل الصورة الحقيقية لتونس للرأي العام الدولي. كما أكدت أن المنظمة ستنظم ندوة خلال زيارة هولاند لتونس مع رجال أعمال فرنسيين كما ستنظم زيارة مهمة إلى فرنسا.
وألقت بوشماوي باللائمة على السياسيين والمنابر الإعلامية التي ضخمت كثيرا من الحديث في السياسة وتناست الاقتصاد ومشاكل المؤسسات وقضايا الإنتاج والتصدير وغيرها.
من جهة أخرى ساق أحد أعضاء المكتب مثالا عمّا يحدث في مطار تونس قرطاج والذي يساهم في نقل صورة سيئة عن تونس، فأول ما يخرج المسافر يلاحظ عراكا بين أصحاب التاكسيات كما يرى الأجهزة المتآكلة والمهملة وعدم ارتداء بعض الأعوان لأزياء رسمية بالاضافة إلى بعض عمليات التحيّل، ذاكرا أن صاحب تاكسي سياحي نقل ضيفا أجنبي ب 50 أورو من المطار إلى قمرت.
الاقتصاد الموازي
السيدة بوشماوي أطلقت صيحة فزع حول مستقبل الاقتصاد المنظم ومستقبل رجال الأعمال وأصحاب المؤسسات أمام زحف الاقتصاد الموازي على كل السلع التي أصبحت تدخل تونس وبأشكال غامضة وبجودة سيئة يمكن أن تؤثر حتى على صحة مستهلكيها. واضافت: التجارة الموازية قتلتنا والاقتصاد الموازي سيدمر الاقتصاد المنظم. بل الأغرب أن هذا الانفلات وكثرة مسالك التهريب طالت كل شيء حتى المخدرات والسلاح. وتساءلت: من أين هذه الاموال ومن يقف وراءها؟ كما دعت الجميع الى محاربة الاقتصاد الموازي بشدة لأنه خراب لمستقبل تونس.
في هذا اللقاء المهم تم التأكيد على العديد من المقترحات التي تعطي قيمة لأصحاب المال والمؤسسات ليساهموا بشكل أكبر في تطور تونس واستقرارها ومن بين تلك الأفكار تحييد أجهزة الدولة الرقابية والحدّ من المتدخلين في الاستثمار واستشارة رجال الأعمال في السياسة الاقتصادية وتحييد مؤسساتنا الاقتصادية عن التجاذبات السياسية بالاضافة الى شراكة فاعلة بين وسائل الاعلام ومنظمة الأعراف ورجال الأعمال.
وحتى تتحقق بعض من هذه الأمنيات يبقى ملف رجال الأعمال شائكا ومعقدا رغم أهميته في الخروج بالبلاد من مرحلة هشة وانتقالية إلى مرحلة مستقرة متطورة وهي مسؤولية يتحملها الجميع.
محمد الفوراتي