تونس – الفجر
خولة نقاطي
اختتمت أمس فعاليات النّدوة الدوليّة العلميّة بجامعة الزّيتونة التي استمرّت ليومين من الاربعاء إلى الخميس بعنوان ” الأستاذ الإمام محمد الطّاّهر بن عاشور وإعادة تأسيس العقل الفقهي الإسلامي ” وقد تميّزت هذه النّدوة بالإقبال الغفير من قبل الطلبة كما حضرها عدد مهم من الأساتذة والشيوخ من داخل تونس وخارجها .
ويعد الأستاذ محمد الطاهر بن عاشور علامة وفقيه تونسي انحدرت أسرته من الأندلس ولد في تونس عام 1879 وتوفي عام 1973 تلقى تعليمه بجامع الزّيتونة المعمور ثمّ أصبح من أكبر أساتذته ، وكان ابن عاشور فقيها مجددا لا يستطيع الباحث في علمه وشخصيّته أن يقف على جانب واحد فقط ،إلا أنّ القضيّة الجامعة في حياته وعلمه ومؤلفاته هي التّجديد والإصلاح من خلال الإسلام وليس بعيدا عنه ،ومن ثمة جاءت آراؤه وكتاباته ثورة على التّقليد والجمود وثورة على التسيّب والضّياع الفكري والحضاري .
وأكّد رئيس جامعة الزّيتونة الأستاذ عبد الجليل سالم أنّ هذه النّدوة تندرج ضمن مشغل الجامعة الزّيتونيّة وذلك حتى يقع الوعي بأننا نحن سليلوا مدرسة زيتونيّة خلدونيّة عاشوريّة تجديديّة بأتم معنى كلمة التّجديد ، وبأننا نحن ننتمي إلى مدرسة عريقة حاول البعض أن يخفي معالمها وأن يأتينا بفكر ديني وافد فيه ما فيه من التطرّف ومن تسطيح الثّقافة الإسلاميّة مضيفا،نحن أردنا أن نقول هذه جامعة وهذا بلد له علماؤه الذين أضافوا للثقافة الإسلاميّة إضافة نوعيّة وإضافة منهجيّة في التّنظير وابن عاشور هو من أسس ونادى بضرورة استقلاليّة علم المقاصد والشّريعة وما أحوجنا الآن لبث الثقافة المقاصديّة حتى نخرج من السّطحيّة ومن التكفير ونحي تراث جامعة الزّيتونة ودورها .
من جهته قال مستشار المعهد العالمي للفكر الاسلامي بتونس الأستاذ جمال الدين دراويل “أردنا لهذا النّشاط العلمي الأوّل أن ينطلق من علم عتيد من أعلام البلاد وهو الإمام الشيخ محمد الطّاّهر بن عاشور باعتباره علما جديرا وحريّا بأن يكون مرجعيّة تعيد النظر في الفكر الإسلامي تجديدا وابتكارا وإضافة ،وإمدادا لهذا الفكر بالآليّات المعرفيّة والمنهجيّة التي تعيد له إشراقته ونظارته وحضوره في مجرى التّاريخ والحضارة لا أن يظلّ على هامشها ويترك السبق والمبادرة للثقافات الأخرى، مشيرا إلى أنّه تم اتخاذ الشّيخ بن عاشور كمنطلق ونقطة ارتكاز للفت انتباه الباحثين والعلماء من الشّباب خاصّة حتى يطوّروا الفكر الإسلامي ويعيدوا له عافيته وحتى يقوموا بطرح هذه القضايا الحيويّة في كل وقت وفي ظل المنعطفات التاريخيّة كالتي تمر بها بلادنا على وجه الخصوص .
فيما صرّح الشيخ عبد الفتاح مورو تلميذ الشيخ الطاّهر بن عاشور أنّ هذه الندوة قد ركّزت على فكر التجديد الذي نادى به الإمام بن عاشور والأدوات التي استعملها لإثارة العقل ودعى إلى ضرورة انتشار هذا الفكر وإلى فتح مدرسة للفكر العاشوري في تونس حتى تأخذ الكلّيات التي جاء بها وتشرحها وتطوّرها ثم تنطلق منها لمعالجة الواقع الذي نعيشه.