تعددت مظاهر الاحتجاج والتبرم داخل مؤسسة التلفزة الوطنية وخاصة بعد الاضراب الأخير الذي شنه الصحفيون والتقنيون بدعوة من نقابتهم الأساسية، ورغم أن الإضراب الأخير رفع مطالب مهمة في مقدمتها مراجعة التعيينات صلب المؤسسة والإسراع في تعيين رئيس مدير عام جديد والبت في مسائل مهنيّة واجتماعيّة، فإن الأزمة تبدو أعمق من ذلك، حتى عجزت كل الحكومات المتعاقبة بعد الثورة والوقفات الاحتجاجية أمام التلفزة ومن داخل التلفزة على حلحلة الوضع، وايجاد الحلول المناسبة، مما جعل تلفزتنا الوطنية تعيش مرضا مزمنا، لا تصح معه الحلول الترقيعية، بل حلا شاملا مع فتح مستعجل لملف هذه المؤسسة للنقاش العام باعتبارها مرفقا وطنيا يموّل من دافعي الضرائب.
أما المشاهد المسكين الذي يدفع ضمن فاتورة الكهرباء ميزانية التلفزة الوطنية، فهو مقبل على كل القنوات والفضائيات إلا تلفزته الوطنية والتي لم يعد يجد حرجا في نقدها ونعتها بكل النعوت تعبيرا عن الغضب وعدم الرضا عما تقدمه من مضمون.
علينا أن نتفق أولا أن التلفزة الوطنية لديها إمكانيات مادية وبشرية ضخمة، مقارنة بقنوات خاصة، على الساحة نافستها وتغلبت عليها في أغلب الأحيان. كما يجب أن نقرّ بأن برامج التلفزة الوطنية ورغم التحسن الطفيف خاصة في نشرة الأخبار، ظلت باهتة منفّرة، بعيدة عن اهتمامات الشارع. كما تعاني من ضعف غير مفهوم في البرامج الحوارية وفي انتاج المسلسلات (بشرونا أن رمضان القادم بدون مسلسلات في التلفزة)، وفي غياب شبه تام لبرامج وثائقية وثقافية وبرامج موجهة للطفل، مما يجعلها أفقر الفضائيات من ناحية البرمجة وأغناها من جهة الرصيد البشري والإمكانيات، فأين تذهب ميزانية التلفزة؟ وماذا يقدم أكثر من 1000 موظف بين مخرجين وتقنيين وصحفيين وغيرهم؟
لقد نجحت عدد من الفضائيات الصغيرة وبإمكانيات متواضعة وبعدد من الصحفيين والتقنيين لا يتجاوز العشرين في أقصى الحالات في افتكاك مساحة محترمة لدى عموم المشاهدين، فأين إذا تكمن مشكلة التلفزة الوطنية؟ وهل يكفي تغيير بعض الأشخاص في الإدارة أو تحويرات في عدد من أقسامها في أصلاح الأمر؟ وهل أن الجوّ المتعفن الذي تحدث عنه العديد من الزملاء لي شخصيا داخل التلفزة، وعمليات الاقصاء والتجميد والابعاد، واحتقار الطاقات المبدعة في التلفزة، وعدم وجود خيال خصب وإرادة للعمل وغيرها من الأمراض يمكن معه إصلاح أمر التلفزة الوطنية؟
إن مخلفات الحقبة الماضية في التلفزة ورسوخ عقلية البيليك وعدم فتح ملفات الفساد وسيطرة بعض الأسماء على كواليس المؤسسة وقدرتهم الكبيرة على المناورة والتعطيل أمر لم يعد خفيا، ومن المؤكد أن المدير العام الجديد لن يكون محظوظا بتسلم هذه المهمة، ولن يكون قادرا لوحده على تغيير جذري في وجه التلفزة الوطنية ما لم يكون هناك حوار جدي حول حقيقة الأزمة وطرق الإصلاح وإحداث نقلة حقيقية وملموسة. إن تلفزتنا الوطنية لا تحتاج إلى تغييرات شكلية أو تلبية بعض المطالب المهنية والاجتماعية وإن كانت مهمة بل هي في رأيي تحتاج إلى عملية جراحية.
فقد بصره بعد تعرضه لاعتداء من أمني: محكمة الاستئناف بالقيروان تؤكد إيقاف التلميذ بتهمة محاولة القتل
قال رياض بن حليمة الناطق باسم محكمة الاستئناف بالقيروان اليوم الخميس 1 جوان 2023 على ما تم تداوله في مواقع...
قراءة المزيد