تنطلق الهيئة المستقلة للانتخابات بداية من 23 جوان القادم في تسجيل الناخبين، استعدادا للاستحقاقات التشريعية والرئاسية القادمة، فيما انطلقت الأحزاب والجمعيات في حملة انتخابية مبكرة، وفي حوارات جانبية وسرية وثنائية وجماعية من أجل تحديد طريقة دخولها هذا الموعد المنعرج في التاريخ الحديث لتونس. وفيما يتواصل الجدل حول الجمع والفصل بين التشريعية والرئاسية، ارسل السيد مهدي جمعة أول أمس رسالة طمأنة إلى الأحزاب السياسية وللرأي العام الداخلي والخارجي، بتأكيده على حرص حكومته على توفير كل ظروف النجاح للموعد الانتخابي في موعده، وضمان كل شروط الشفافية والحياد.
وفي هذا الإطار أكد من جديد ان حكومته على نفس المسافة من كل الأحزاب والقوى السياسية، وانها غير معنية بالترشح والمشاركة في الانتخابات. وتأتي هذه الاشارات المهمة في وقت حساس، تستعد فيه البلاد لخوض تجربة ديمقراطية إذا تحقق لها النجاح فربما تكون اولى خطوات اقلاع بلادنا نحو مصاف الدول الديمقراطية والمزدهرة اقتصاديا وسياسيا. فبعد الخطوات الناجحة التي تحققت لحدّ الآن، من دستور توافقي وقانون انتخابي وتكوين مختلف الهيئات الدستورية، وأجواء حرية التعبير التي نعيشها، لم يبق إلا تحديد الموعد الانتخابي لتدخل البلاد في مهرجان سياسي وانتخابي كبير.
ومن المنتظر بعد هذه الخطوة وما ستعلنه الهيئة المستقلة للانتخابات من اجراءات تقنية وإدارية، ان يكون هذا الصيف سياسيا بإمتياز، حيث سيركن الجميع الى استعدادات مكثفة، ومراجعات داخلية، وبحث عن تحالفات، وجبهات سياسية، واجتماعات شعبية. وستحتل مسألة الترشحات ورؤساء القائمات والأسماء المتداولة في السباق إلى قصر قرطاج موضوع التشويق الأكبر، وحديث الاعلام، بالاضافة الى احداث حركية غير مسبوقة في الشارع التونسي، فهذه ثان انتخابات ديمقراطية، واول انتخابات في تاريخ تونس ستنقلنا من مرحلة انتقالية طويلة وشاقة، لنودع بدون رجعة عهد الاستبداد والظلم، إلى مرحلة جديدة نتمنى أن تكون هي حلمنا الذي ناضلنا من اجله طويلا.
الأسابيع القادمة ستحمل الكثير من الأخبار الجديدة في هذا المسار قبل ان ينطلق الصيف بأفراحه ومسراته وشواطئه وأعراسه، ممزوجا بسباق انتخابي سياسي ستعيشه تونس لاول مرة. هذا السباق المنتظر في صيفنا القادم نريده ان يكون حضاريا، ملتزما بالقانون، وبأخلاقنا وديننا، وبالحفاظ على ما اجترحناه في تجربتنا من ميل الى الوفاق وإعلاء لشأن الوطن بعيدا عن كل تجريح أو تآمر أو سباب او تهور، رغم انه سيكون صيفا ساخنا جدا، بلا شكّ.