أسبوع واحد يفصلنا عن تقديم الأحزاب والكتل والمستقلين قائماتها الانتخابية للهيئة المستقلة للانتخابات، والتي تتواصل حتى 29 من هذا الشهر، ومن المنتظر ان تكون اغلب الجهات قد انهت تشكيل قائماتها نهاية هذا الأسبوع. بعدها سندخل في حملة انتخابية تاريخية وضخمة بين مئات القائمات والأحزاب التي ستتنافس نظريا بالبرامج والمقترحات لفائدة تونس. وقد ضبط الدستور والقانون الانتخابي وما ستنشره الهيئة المستقلة للانتخابات من تراتيب وكذلك هيئة الاتصال السمعي البصري أسلوب ومحددات الحملة الانتخابية التي ستكون الأضخم في تاريخ تونس.
العديد من المراقبين والقوى السياسية والمجتمعية تتخوف من انحراف الحملة الانتخابية إلى أساليب تخالف القانون أو الدستور أو الأخلاق، وربما تسقط في التباري الإيديولوجي أو الفكري أو التسابب والتنابز بعيدا عن الأساليب الحضارية في المنافسة الانتخابية، كما تتخوف أحزاب وشخصيات سياسية من اعتماد بعض وسائل الإعلام على انحياز مفضوح أو مخفي لهذه الجهة السياسية أو تلك؟ أو مواصلة سياسة تشويه الخصم والاصرار على النيل والحط من بعض الشخصيات مثلما يحدث مع الرئيس المرزوقي خلال الاسابيع الماضية على صفحات بعض الجرائد. كما توجد خشية جدية من الاعتماد على مال فاسد ولوبيات في الظل تحاول تعكير صفو الحملة الانتخابية بتدخل مباشر أو غير مباشر لفائدة جهة او جهات سياسية معينة.
هذه التخوفات عكستها عدد من الاحزاب السياسية في توقيعها على ميثاق الشرف الانتخابي الذي حذر ضمنيا من استعمال أساليب أصبحت معروفة في اتهام المنافس في غياب الأدلة أو السب والشتم والتحقير أو توظيف الارهاب ضد منافسين سياسيين عوض تحقيق الوحدة الوطنية المطلوبة للانتصار عليه. ومن المنتظر ان تتعاون الهيئة المستقلة للانتخابات وهيئة الاتصال السمعي البصري ومختلف الجهات الإعلامية كالنقابة وجمعية مديري الصحف في ضبط سياسة إعلامية خاصة بالحملة الانتخابية تساعد على انجاح هذا العرس الانتخابي الذي تشهده تونس لاول مرة في تاريخها. وهو امتحان مهم لهذه الجهات وللمشهد الاعلامي حتى يكون في مستوى الحدث.
من المؤكد ان الحملة الانتخابية فرصة لمختلف الأحزاب السياسية لابراز قياداتها ورؤاها الفكرية والسياسية وبرامجها الاقتصادية والاجتماعية، ولكن لا يجب ان يتم هذا خارج القانون او باعتماد أساليب غير أخلاقية. وهو ما يتطلب أيضا نوعا من العقوبات والردع لكل المخالفين وخاصة على مستوى الممارسة الإعلامية التي بدت في الفترة الماضية خارج كل ضبط ووضوح وحياد. فوسائل الاعلام جميعها مطالبة في هذه الفترة بأن تكون في حجم المسؤولية، وان تدرك خطورة دورها في إنجاح العرس الانتخابي أو إفشاله لا قدّر الله.
كما على القوى السياسية الرئيسية والصغيرة على حدّ السواء أن تعتمد حملة انتخابية نظيفة وبعيدة كل البعد على التحريض والتشويه والسخرية واعتماد أساليب لا أخلاقية وفي ذلك ضمان لنجاح العملية الديمقراطية وضمان لمستقبل هذه الاحزاب في عيون ناخبيها والرأي العام، الذي سيعاقب مستقبلا بشكل حضاري كل الأحزاب القائمة على الدعاية الكاذبة والمال الفاسد وشراء وسائل الاعلام ومؤسسات سبر الآراء المزيفة.