تنطلق اليوم عملية تقديم الترشحات للانتخابات التشريعية القادمة بعد أن كانت دخلت عالم المفاوضات والتراتيب منذ مدة لتوفير قائمات ل27دائرة محلية و4 دوائر بمختلف أنحاء العالم ومن خلال أولى التسريبات والمعلنات الأولية عن القوائم الحزبية والمستقلة فان حظوظ تواجد العنصر النسائي في مجلس نواب الشعب القادم يعتبر وافرا خاصة مع وجود عدة كفاءات مترشحة لخوض غمار العمل السياسي ومع وجود أحزاب تحتل فيها المرأة الرقم الثاني في القائمة وبالتالي الضمان المباشر للصعود.
إلا أن شرط التناصف الذي سعت اليه بعض مكونات المجتمع المدني بدا عائقا حقيقيا أمام عدد من الاحزاب التي فشلت في حشد العنصر النسائي في قائماتها . أحزاب كانت تزينت بالعنصر الأنثوي في كل مسيراتها المعبرة عن الحرية والراغبة في إخراج تونس من مخاطر الظلامية، كما تلحفت كثيرا بشعارات حرية المراة والتناصف الاجباري، ولكنها مع اول امتحان وجدت نفسها في التسلل.
الأمر الذي شكّل صدمة لدى المتابعين للشأن السياسي التونسي عند متابعة القائمات الحزبية المعلنة والغياب الذي يكاد يكون كلي لوجود المراة على رأس القائمات فيما يعبر عنه بالتناصف الأفقي في حين فشلت أحزاب أخرى في توفير عناصر نسائية أصلا لتصبح القائمة قانونية.
التناصف أو عائق الترشح
مع وضوح الرؤيا بدا أن التناصف في الترشح للانتخابات التشريعية عائقا امام توفير قائمات جاهزة لخوض غمار الصراع الانتخابي القادم فمن شروط الترشح للقضاة والمعتمدون السابقون والولاة انه لا يمكنهم الترشح في آخر دائرة انتخابية مارسوا فيها وظائفهم المذكورة لمدة سنة على الأقل قبل تقديم ترشحهم ولا تصبح ترشحاتهم ذات جدوى إلاّ بعد تقديم استقالتهم أو إحالتهم على عدم المباشرة طبق التشريع الجاري به العمل.
ونص الفصل 24 أن تقديم الترشحات على أساس مبدأ التناصف بين النساء والرجال وقاعدة التناوب بينهم داخل القائمة وانه لا تقبل القائمة التي لا تحترم هذا المبدأ إلا في حدود ما يحتّمه العدد الفردي للمقاعد المخصصة لبعض الدوائر وإذا ما علمنا ان عدد الأشخاص في القوائم مرتبط بعدد السكان في الدائرة الانتخابية فان القوائم ستكون بين 5 عناصر و12 فردا وهو ما يتطلب توفير 6 نساء على كل قائمة كأقصى تقدير و3 كحد أدنى .
كما أوجب الفصل 25 أنه يتعين على كل قائمة مترشحة في دائرة يساوي عدد المقاعد فيها أو يفوق أربعة أن تضم من بين الأربعة الأوائل فيها مترشحاً أو مترشحة لا يزيد سنّه عن خمس وثلاثين سنة وفي حالة عدم احترام هذا الشرط تُحرم القائمة من نصف قيمة التمويل.
أحزاب بين الحداثة والتناصف
المتطلع إلى القائمات المعلنة أوليا لعدد من الأحزاب يكتشف أن مبدأ التناصف الذي كاد أن يشكل ازمة لدى بعض الساسة الذين دعوا الى تطبيقه وفرضه بالقوة هم اليوم أول المتضررين منه إذ لم تتمكن عدة احزاب من توفير العدد القانوني المسموح به لإعداد قائمات لكل الدوائر المحلية في حين بدت أحزاب أخرى محرجة بعدم وجود عناصر نسائية على رأس القائمات رجحها البعض إلى ان العنصر الذكوري داخل الحزب يرفض بشدة رئاسة الأنثى وهو ما يدعو الى التساؤل عن جدوى مبدأ التناصف الذي تم فرضه وكاد ان يعطل مصادقة الدستور .
حسب المعلومات الاولية فان عدة احزاب اختلفت وتراوحت بينها عدد النساء اللاتي احتللن رئاسة القائمات فحركة وفاء رشحت 4 نساء في رئاسة القائمات وهن: فادرة النجار بنابل1 وغفران حجيج بدائرة نابل2 وهاجر فريخة تونس 2 ولطيفة الوافي دائرة سليانة. أما الحزب الجمهوري فقدّم مية الجريبي عن دائرة بن عروس و آمنة بن عثمان دائرة تونس و نهلة بن خليفة سوسة.
فيما أعلن نداء تونس عن رئاسة قائمة واحدة نسائية هي سلمى اللومي الرقيق عن نابل 1 ولم يتم الحسم بعد في رؤساء قائمات الدوائر الإنتخابية بالخارج.
أما حركة النهضة فقدمت محرزية العبيدي عن دائرة نابل ولطيفة الحباشي بمنوبة والرقم 2 في كل دائرة من الدوائر ال27 والأربعة بالخارج وهو ما يعطي حظوظا لأغلبهن بالفوز بمقاعد في مجلس نواب الشعب القادم .
الجبهة الشعبية ومع تأجيل ندوتها الصحفية بقيت التسريبات الأولية حول 3 نساء على رأس قائماتها الانتخابية وهن مباركة البراهمي أرملة محمد البراهمي وسعاد الشافي وأمال الحمروني.
ونجد سامية عبو على رأس قائمة التيار الديمقراطي في انتظار أن يكشف ال149 حزب تونسي عن كل قائماته الحزبية يضاف إليه حزب الاستقلال الوطني الذي تحصل على تأشيرته قبل يومين فقط والذي سيلتحق بغمار الانتخابات.
ويبقى مبدأ التناصف في الانتخابات أمر يحتاج إلى مزيد من التروي فالمرأة المثقفة والواعية والسياسية قد لا تحتاج الى فصل قانوني يحجز لها مقعدا في مجلس نواب الشعب وهذا رأي عدد من المهتمين بالشأن السياسي نساء آو رجالا الذين يرون في المرأة نصف المجتمع بجدارة وليس بسلطة القانون .