احتدم الصراع الانتخابي في الرئاسية مما حتم الالتجاء الى دور ثان للفصل بين الشخصيتين اللتين “انقسم” التونسيون في موالاتهما: قايد السبسي والمرزوقي.
المرشحان لاجتياز الحاجز الأخير قبل الوصول إلى قرطاج لفتا الانتباه ليس فقط بتفوقهما السياسي على باقي المرشحين الى الاستحقاق الرئاسي بل ايضا بتصريحات عُدت في سياق ما “يزلق” به اللسان من زلات اثارت ردود افعال عديدة وأسالت انهار حبر مديدة.
“السافرات” و”الطاغوت”
المرزوقي اختار اسلوب “الثوري” ليقدم على أساسه نفسه الى الشعب واستقاه من ماضيه كحقوقي ومناضل في سنوات الجمر ورغم نيته الطيبة – وان ظاهريا لأن نوايا العباد لا يعلمها الا خالق العباد – في ما ورد عنه من تصريحات وما جاء فيها من من كلمات الا انها اثارت جدلا كبيرا انطلق منذ اول ايامه في قصر قرطاج حين قدم نفسه حاميا لحقوق التونسيات المحجبات منهن والسافرات.
وهذه اللفظة بالذات اسفرت عن هجومات حادة على المرزوقي واتهم اثرها بتقسيم التونسيات والتقليل من قيمة غير المحجبات بل هناك من عد لفظة السافرات غير اخلاقية وان المرزوقي قصد بها التشهير بمن لا يرتدين الحجاب وعجز حتى المتضلعين في علوم اللغة العربية والمستنجدين بلسان العرب على اقناع الغاضبين من لفظة السافرات بانها خالية من اي اتهام اخلاقي.
وقبل ايام قليلة من وضع منصبه على مزاد الانتخاب جاد لسان المرزوقي على معارضيه بلفظة استعملوها كمنصة صواريخ لمهاجمته بلا هوادة هذه اللفظة هي “الطاغوت” والتي ارتبطت في اذهان عامة التونسيين ونخبتهم بالتيار السلفي الجهادي. ولأن الحديث عنهم مقترن بالموت والدمار والعنف واشعال ما لا يخمد سريعا من النيران وهو ما يرفضه التونسيون من كل الاحزاب والجهات فإن الاتهامات للمرزوقي بالتعاطف مع الارهاب تتالت والهجمات عليه توالت. ليدفع فاتورة الاسلوب الذي اختار ان يقدم به نفسه للشعب.
من”القرودة” الى “الحفتاريش” مرورا بـ”المرا”
الباجي قايد السبسي اختار أن يقدم نفسه الى الشعب في ثوب التلميذ النجيب في المدرسة البورقيبية المعتمدة على “الضمار” في خطابات الزعيم بما يُحببه الى السامع او المشاهد. إلا ان السبسي دفع فاتورة ذلك غاليا فخانه “الضمار البورقيبي” حين تهكم على “المرأة التونسية” في سياق حديثه عن النائبة الاولى لرئيس المجلس التأسيسي محرزية العبيدي قائلا في سخرية واضحة “ما هي الا مرا”، وهو ما اثار عاصفة هوجاء من النساء والرجال على حد سواء.
وقبل ذلك لم تسلم المرأة الصحافية التي لها حقان من الاحترام على السبسي الاول حق معاملتها كإمراة تونسية علمها بورقيبة لتكون مع الرجل في الصفوف الامامية والثاني حقها كصحافية لها على السبسي حق الاحترام الذي تفرضه كل قوانين الدنيا للاعلاميين لكن “الضمار” اوقع السبسي في الغلط حين سأل الصحافية العاملة في وكالة الانباء التونسية “وات” “هل انت معرسة ولا لا ؟” وحين قالت “لا” رد “برة ربي يقوي سعدك” لاعتقاده او لايهامها بأن حظوظها في الزواج قليلة ما دامت تحرج تلميذ بورقيبة بما لا يليق بمقامه من اسئلة غريبة !!
وقبلها حين كان رئيسا للحكومة لم ينس التونسيون ما قاله السبسي في حق رجال الأمن والنعت الذي اطلقه عليهم وهو “القرودة”.
وتواصل داء زلات اللسان مع السبسي حتى وهو في معركة انتخابية حامية الوطيس يحتاج فيها الى كل صوت تونسي لان نتيجتها قد تذكر التونسيين ومن يتابع انتخاباتنا من العالمين بانتخابات امريكا بين آل غور مرشح الديمقراطيين وجورج بوش الابن مرشح الجمهوريين سنة 2000 والتي كان فيها الفارق بين المرشحين في غاية الضآلة وكاد الامريكان للنزاهة يلتجئون الى ركلات الجزاء الترجيحية لمعرفة الفائز بمفتاح البيت الابيض فالسبسي نسي كل ذلك وحشر كل من صوت للمرزوقي في زمرة الإرهابيين وجعلهم من شر المفسدين وهو ما هيج ضده حتى من صوت له والعهدة هنا على “الفايس بوك” وما يسوقه من اخبار واراء ليضاف هذا الوصف الى نعت آخر وجهه الى سكان احدى الولايات الداخلية حين اعتبرهم “حفتاريش” وآخرين “زوفرة”، فردوا عليه انتخابيا بان دعموا منافسه وهو ما قد يتكرر مع محايدين او غير مشاركين في انتخابات الدور الأول.