1) في رمضان، هناك أكثر من بطل، وأكثر من فارس ،وأكثر من مبدع ، يستحقون التوسيم، تقديرا لهم ومكافأة على ما بذلوا وقدموا ..وعلى ما أبدعوا، حتى لا ينقطع الخير بين الناس .لأن في التوسيم وفي مكافأة أي جهد منتج ، تحفيزا وتشجيعا ودفعا للهمَم باتجاه مهارات الفعل الخيري.
دعك من التوسيم الرسمي الباهت ،المبني على تقديم أهل الولاء وتهميش أصحاب الكفاءة ، ودعك من الأوسمة الرخيصة التي توزع في أعيادنا الوطنية والتي فقدت قيمتها و وهرتها عندما يتجرأ بعض الساسة على منحها، باسم الوطن، لمن لا يستحقها .
الوِسَامُ هو ما يعلَّق على صدْر من أَحْسَن عملاً وأتقنه، مكافأة له وتقديرا، وتمييزا له عن غيره. ووسَمَ المسئول فلانًا بكذا أي ميَّزه به.و وسّمه (بتشديد الشين) أي منحه وسَامًا تقديرا له واعترافا بجهد متميز قام به. فالوسام هو شارة تمييز وتكريم ،وصيغة من صيغ الاعتراف بالجميل والتنويه بالقيمة
الوطنية أو المهنية أو العلمية أو الثقافية للشخص الفائز بالوسام
2) وكان الرسول المعلم صلى الله عليه وسلم قد رأى منه أصحابه كثيرا من صور التوسيم النبوي الباهر ،المعنوي خاصة ،وهي من سنن الهدى، عملا بقوله تعالى – هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ – و قوله أيضا – ولا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ – .فقد وسّم النبي صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل بوسامة المحبة النبوية عندما قال له : يا معاذ ،والله إني لأحبك . ووسّم أبا عبيدة بن الجراح بوسام الأمانة بقوله : أبو عبيدة ،أمين هذه الأمة
. ووسّم أبا ذر الغفاري بوسام الصدق بقوله : ما أقلت الغبراء أصدق لهجة من أبي ذر . ووسّم خالد ابن الوليد بوسام الفروسية عندما أثنى عليه ولقّبه بسيف الله المسلول…
3) تعيش بيننا وتحت سقف بيوتنا ، فارسة رائعة ، نعرفها وتعرفنا ،نحبها وتحبنا، تصول بيننا وتجول على استحياء ، تعمل بصمت ،تعطي ولا تأخذ ،لا تشكو من إرهاق ولا تتذمّر من سهر، لها بطولاتها وإبداعاتها وانجازاتها ، في شهر رمضان، خاصة . هي سيدة الفرسان التي تستحق التوسيم قبل غيرها وبأكثر من وسام .
– فمن هي فارسة رمضان ،التي تظل الغائبة في مواكب التوسيم الرسمي والعائلي ؟
من عرفها فقد عرفها، ومن لم يعرفها فهي تلك التي تخطط وتصمم ثم
تنجز وتخرج وتسهر- بلا ملل – على إنجاح ملحمة مائدة الإفطار
الرمضاني العائلي. ولأن الكرام قليل فقد ينال المسكينة، فارسة رمضان، الكثير من البخس والهمز واللمز من – سي السيد –، الذي لا يستطيع أن يهزم جوعه إلا بلذيذ ما طبخت ولا أن يملأ بطنه إلا بشَهِيّ ما صنّفت ،فيوبّخها بتعليقات تلسع قلبها ، بمثل : الشربة مسّوسة ؟ البريكة يابسة ؟ لا يُسْمِعُها شكْرًا ولا يلتمس لها عذرا فيما يمكن أن تخطيء فيه ..والذي قد لا يحصل منها أصلا في الواقع ، نظرا لطول خبرتها ومهارتها ،ولكن صلف الذكورة
وغرور القوامة يزيّنان له ذلك . و قد غاب عن أمثال هؤلاء ما جاء في
الأثر: ما أكرمهن إلا كريم .
عبد القادر عبار