يوم العيد ليلا ، رنّ الهاتف فنظرت في الشاشة فوجدت رقما حافيا بلا اسم ، فلم أرد. ، كنت مرهقا بسبب جهاد العلوش ذبحا وسلخا وتقطيعا ،فقالت أم العيال وقد أزعجها الرنين :كيف لا ترد على من يطلبك؟ قلت :لا أعرفه .قالت :ما طلبك إلا لحاجة أوضرورة فلا تبخل عليه .لكني عصيتها .
بعد دقيقتين عاود الرنين من جديد نظرت فإذا هو نفس الرقم الحافي فلم أتحرك ولم أغير موقفي ..أم العيال لم يعجبها موقفي واستفزها برودي تجاه الرنين المتواصل والمتكرر فانهالت عليّ توبيخا وأشبعتني وعظا وأخلاقا ،لكني بقيت على عنادي …
حدث ذلك بين المغرب والعِشاء ونحن في انتظار وجبة العَشاء مشويّ العيد وكرويات العصبان مع رقائق خبز الحماس وتوابعها السلاطات والسوائل من إخراج وتصنيف صغرى البنتيْن المفتونة والخبيرة والرائعة في التصنيف.
ثم لازم الجوال سباتا ليس بالقصير، حمدت الله عليه ،امتد إلى ما بعد تخمة العَشاء وركعات العِشاء ..لم أتقيد بالحكمة القائلة :تعشّى وتمشّى .فانزويت في محرابي الثقافي / مكتبتي واستلقيت كعادتي كل ليلة قبل الذهاب الى موعد النوم وما هي الا دقيقة حتى عاود الرنين وإذا به نفس الرقم الحافي يطلبني..استحييتُ فرفعت الهاتف وبادرت طالبي قائلا:
– السلام عليكم
فرد :- وعليكم السلام.. الشيخ فلان ؟
قلت :- نعم
هنأني بالعيد وسأل عن الأحوال والعيال
قلت :تفضل ..
قال: عندي سؤال لو سمحت
قلت : نعم تفضل اسأل
قال: أبونا آدم عليه السلام ..كِي حَجْ اشكونْ حلق له رأسه؟
كنت انتظر سؤال عن تكبيرات أيام التشريق متى تنتهي أو غير ذلك من نوازل اللحظة فأصابني السؤال بدوار فقلت على البديهة : كان أصلع . فاكتفى بتمرير الموسى على صلعته
شكرني على المعلومة ثم قال: بالله سؤال أخير قلت: تفضل .
قال :اشكون مات الأول، أمنا حواء وإلا أبونا آدم ؟
جلطني السؤال فقلت على البديهة : والله أنا لم أحضر الجنازة ولم اقرأ صحف ذلك الزمان .ثم حمدت الله وأنا اسمعه يقول: سامحني بارك الله فيك تصبح على خير
ناديت أم العيال فجاءت فقصصت عليها حاجة صاحب المكالمة، الذي لامتني على تجاهله وعدم الرد عليه.فقالت: سبحان الله ..يهتمّون بالسفاسف ، عِلْمٌ لا ينفع وجَهْلٌ لا يضر. / عبدالقادر عبار
والله عبرة لمن يُعتبر جزاك الله خيرا يا شيخ