مقال رأي: رضا بلحاج
انطلق مسار تحقيق إستقلال القضاء بعد سنوات التوظيف التي خضع لها منذ الأيام الأولى للثورة وكان لجمعية القضاة دور كبير في تحقيق هذا الهدف وقد عمل الرئيس الباجي قايد السبسي حين أشرف على الوزارة الأولى سنة 2011 على الإنطلاق في تحقيق هذا الهدف وكذلك العميد لزهر القروي الشابي وزير العدل آنذاك إلا أنه إستجاب آنذاك لطلب الجمعية وعلى رأسها السيد أحمد الرحموني وكلثوم كنو التي رفضت بأن يكون ذلك بموجب مرسوم (وكانت على حق) مفضلة على أن يتم ذلك بعد تركيز المؤسسة التشريعية. كما إنعقد المجلس الأعلى للقضاء بدون حضور ممثلين عن السلطة التنفيذية لأول مرة منذ الإستقلال إستجابة لرغبة القضاة فكانت بداية مسار تحقيق الإستقلالية وتواصل هذا المسار أثناء فترة التأسيس فأحدثت هيئة وقتية للإشراف على القضاء إلى حين صدور الدستور في جانفي 2014 وأقر في فصله 102 أن القضاء سلطة مستقلة ونظمها صلب الباب الرابع الذي منح المجلس الأعلى للقضاء الإستقلالية الكاملة.
وتواصل مسار تركيز إستقلالية القضاء عند مناقشة مشروع القانون الأساسي المتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء وبعد نقاش تواصل لأسابيع صدر القانون الأساسي بعد خلاف حول دور السلطة التنفيذية في المجلس وخصوصا موقع التفقدية العامة و الإشراف على النيابة العمومية وتصدى القضاة وكذلك وزير العدل السيد محمد الصالح بن عيسى للتنقيحاة التي أدخلتها لجنة التشريع العام على النص المقترح وهو ما أدى إلى مغادرته الوزارة وصدر القانون بنواقص لكن بتوفير حد كبير من شروط إستقلالية القضاء بعد نقاش كبير وقيام المعارضة بطعون أمام الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين التي ألغت 9 فصول من القانون. ومن مزايا هذا القانون أن رئيس الجمهورية لم يعد يترأس المجلس الأعلى للقضاء الذي أصبح يدير المسار الوظيفي للقضاء وينتخب أعضائه بكل إستقلالية في المقابل بقى وزير العدل رئيسا للنياية العمومية كما أن التفقدية العامة بقيت تحت إشراف الوزارة.
فخلاصة القول أن القضاء إنطلق منذ الثورة في بناء إستقلاليته خطوة خطوة وحقق منها الكثير رغم النواقص واليوم فإن الوقوف إلى جانب القضاء والقضاة للتصدي لتوجه رئيس الدولة الساعي لإخضاعه والعودة به إلى الوراء هو واجب كل القوى الديمقراطية.