قال أمين محفوظ أستاذ القانون الدّستوري عضو الهيئة الوطنيّة الاستشاريّة من أجل جمهوريّة جديدة إنّ “نصّ مشروع الدّستور الجديد المقترح على رئيس الجمهوريّة، يهدف إلى تكريس نظام ديمقراطيّ يضمن الحقوق والحرّيّات والتّوازن بين السّلط”.
وإعتبر محفوظ في تصريح لوكالة تونس أفريقيا للأنباء، اليوم الثّلاثاء، أنّ “دستور قرطاج يقطع مع دستور باردو”، وأنّ النّصّ المقترح من الهيئة الاستشاريّة على رئيس الجمهوريّة، “سعى إلى إحترام العديد من قواعد الصّياغة، كالوضوح والدّقّة والكلفة، أي الحرص على ألّا تكون المؤسّسات مُكلفة للدولة”.
وأضاف أنّ الهيئة وعلى مستوى الأهداف سعت إلى نظام ديمقراطي يضمن الحقوق والحرّيّات لمختلف الأجيال، ويوفّر آليات لحمايتها، مبيّنا أنّه تمّت المحافظة على مضمون الفصل 49 من دستور 2014 من حيث الضّوابط المتعلّقة بالحقوق والحرّيّات وممارستها، بما لا ينال من جوهرها، وإضطلاع القضاء بدوره في حماية هذه الحقوق”، مشيرا في هذا الصّدد إلى أنّ الحقوق والحرّيّات من المكتسبات التي لا يمكن تعديلها.
وينصّ الفصل 49 من دستور 2014 على أنّ القانون “يحدّد الضّوابط المتعلّقة بالحقوق والحرّيّات المضمونة بالدّستور وممارستها، بما لا ينال من جوهرها ولا توضع هذه الضّوابط إلّا لضرورة تقتضيها دولة مدنيّة ديمقراطيّة، وبهدف حماية حقوق الغير، أو لمقتضيات الأمن العامّ، أو الدّفاع الوطني، أو الصّحّة العامّة، أو الآداب العامّة، وذلك مع إحترام التّناسب بين هذه الضّوابط وموجباتها.
وتتكفّل الهيئات القضائيّة بحماية الحقوق والحرّيّات من أيّ إنتهاك”.
كما “لا يجوز لأيّ تعديل أن ينال من مكتسبات حقوق الإنسان وحرّيّاته المضمونة في الدّستور”، وفق الفصل ذاته.
وبخصوص النّظام السّياسي، أكّد أمين محفوظ في تصريح ل(وات) أنّ الهيئة سعت إلى الفصل بين السّلط وضمان التّوازن بينها، لتكون أكثر إنسجاما، بما يحول دون التّصادم في ما بينها، وإلى أن تكون هناك آليّات دستوريّة للحكم، وأن يكون الحكّام منتخبين من الشّعب.
وقال إنّه تمّ وضع “أسلحة متوازنة للسّلطة التّشريعيّة، لتكون في مواجهة التّنفيذيّة، ومثلها للسّلطة التّنفيذيّة لتكون في مواجهة التّشريعيّة، بما يحول دون التّصادم بينهما، مع ضمان المسؤوليّة والمساءلة، وتوفير ضمانات القضاء العادل الذي لا يؤسّس لدولة القضاء”.
وذكر أنّه تمّ التّطرّق كذلك إلى نقاط أخرى، كإحترام المعتقد وحرّيّة الضّمير والتخلّص من بعض المسائل التي “وقع إستغلالها للتّجارة بالدّين والهويّة”، مبيّنا في هذا السّياق أنّ إجتهاد اللّجنة الاستشاريّة القانونيّة التي كُلّفت بصياغة مشروع دستور قرطاج، كان مختلفا عن إجتهاد جيل 1959/1956 والمجلس التّأسيسي 2014/2011 .
وقال إنّ هذه اللّجنة “ركّزت على تطوير المسائل التي تتطلّب الإهتمام بها”.
وأكّدت على أنّ “الإشكال في تونس اليوم، ليس في الهويّة والدّين، وإنّما في الفقر والبطالة وضعف الإبتكار وإنهيار القيم” .
وبخصوص الجانب الإقتصادي، أكّد أمين محفوظ تضمين ذلك في نصّ مشروع الدّستور الجديد، ملاحظا أنّ الأمر ليس جديدا على مختلف التّجارب الدّستوريّة في تونس، أي منذ دستور 1861، مضيفا في هذا الصّدد أنّ الهيئة إنطلقت من مكاسب مختلف التّجارب الدّستوريّة والبناء عليها، مع التّخلّص من نقاط الضّعف، ليكون بذلك دستورا تونسيّا لفائدة التّونسيّين.
وكان رئيس الجمهوريّة، قيس سعيّد تسلّم أمس من الرّئيس المنسّق للهيئة الوطنيّة الاستشاريّة من أجل جمهوريّة جديدة، الصّادق بلعيد، مشروع الدّستور الذي تمّ إعداده في إطار هذه الهيئة.
وقد أكّد الرّئيس بالمناسبة، أنّ مشروع الدّستور ليس نهائيّا، وأنّ بعض فصوله قابلة للمراجعة ومزيد التّفكير، وذلك خلال هذا اللّقاء الذي كان فرصة أيضا للتّداول بشأن “جملة من المفاهيم والأفكار الجديدة، فضلا عن التّطرّق إلى مجريات الحوار في الفترة الماضية وما شهده من تبادل لوجهات نظر متعدّدة”.
يُذكر أنّ رئيس الدّولة أحدث، في ماي 2022 بمقتضى مرسوم، “الهيئة الوطنيّة الاستشاريّة من أجل جمهوريّة جديدة” وعهد إليها إعداد مشروع دستور جديد.
كما أحدث “اللّجنة الاستشاريّة للشّؤون الإقتصاديّة والإجتماعيّة”، ويترأّسها عميد المحامين إبراهيم بودربالة، ولجنة إستشاريّة قانونيّة، ولجنة حوار وطني، مكوّنة من أعضاء اللّجنتين الاستشاريّتين.
وينصّ الفصل 22 من المرسوم عدد 30 لسنة 2022 المتعلّق بإحداث الهيئة الوطنيّة الاستشاريّة، على أن “يرفع الرّئيس المنسّق، إلى رئيس الجمهوريّة، تقارير دوريّة عن تقدّم أعمال لجنة الحوار، ويقدّم له تقريرها النّهائي طبق الفصل 2 من هذا المرسوم، في أجل أقصاه يوم 20 جوان 2022″، على أن ينشر مشروع الدّستور الجديد المعروض على الإستفتاء، بالرّائد الرّسمي في أجل أقصاه 30 جوان 2022.
وكان الإجتماع الأوّل “للهيئة الاستشاريّة من أجل جمهوريّة جديدة” قد إنطلق يوم 4 جوان، برئاسة أستاذ القانون الصّادق بلعيد، وحضور عدد من السّياسيّين وشخصيّات من المجتمع المدني وممّن ساندوا “مسار 25 جويلية”، الذي يواجه رفضا بالخصوص من قوى سياسيّة كانت تشكّل أغلبيّة برلمانيّة، وعلى رأسها حركة النّهضة.