ما هو التطرف؟
التطرف هو الغلو والإسراف أوالشطط بعيدا عن التوسط والإعتدال.
ومن مفهوم الاجتماعي هو الخروج على المفاهيم والأعراف والتقاليد والسلوكيات العامة، ومن المفهوم الأمني والسياسي هو الخروج على القانون والدستور السائد.
أشكال التطرف:
التطرف يمكن أن يوجد في أي مكان مجال من مجالات الحياة مثلا هناك كالتطرف السياسي أقصى اليمين أو أقصى اليسار، والتطرف الاجتماعي والتطرف الديني…الخ وينقسم إلى أنواع توجد منفردة أو مجتمعة.
أولا: التطرف المعرفي:
وهو أن ينغلق الشخص على فكرة أو أفكار معينة، ولا يقبل المناقشة أو إعادة النظر فيها وتعتبر من الثوابت المطلقة. وهو في حالة لا يلغى وظيفة عقله فقط في تمحيص هذه الفكرة أو الأفكار بل انه يلغى أي رأي آخر مخالف ، ولا يسمح لهذا الرأي أن يدخل مجال وعيه فضلا عن ان يتفهمه أو يناقشه أو يتقبله.
ثانيا: التطرف الوجداني:
وهو شعور حماسي طاغ نحو شيء معين يجعل الشخص مندفعا في اتجاه معين دون تبصر وربما يدفعه هذا الإنفعال إلى تدمير نفسه أو غيره، وربما يندم بعد ذلك حين تخفف حدة هذا الإنفعال ( المؤيد أو الرفض).
ثالثا التطرف السلوكي:
وهو المغالاة في سلوكيات ظاهرية معينة بما يخرج عن الحدود المقبولة وكان هذه السلوكيات هدف في حد ذاتها ولذلك يكرهها الشخص بشكل نمطي وهي خالية من المعنى وفاقدة للهدف. ولا يتوقف الأمر عند الشخص ذاته بل يحاول إرغام الآخرين على التقيد بما يفعله هو قهرا أو قسرا، وربما يلجأ إلى العدوان على الآخرين لإرغامهم على تنفيذ ما يريد.
أسباب التطرف:
أولا أسباب بيولوجية:
مثل الإختلال في الكروموسم ( Chromosomes) وهي الجينية والعوامل الوراثية والعيوب الخلقية والإصابات المخية …الخ
ثانيا أسباب نفسية اجتماعية:
مثل: الحرمان من رعاية الأبوين أو كلاهما في سن مبكر، الحرمان الاجتماعي، صدمة نفسية شديدة خاصة في الطفولة، العلاقات المضطربة بالأقران، اضطراب بين الطفل ووالده أو بين الطفل ورموز السلطة في الأسرة، أو في المدرسة أو في المسجد وينمو هذا الصراع ويكبر ويصبح الشخص في صراع مع أي رمز السلطة على مستوى الاجتماعي أو السياسي أو الديني. وهذا يفسر لنا رفض الشاب المتطرف الإنضواء تحت أي سلطة حتى ولو كانت رشيدة، فهم يفضلون تكوين مجموعات ممن هم في نفس سنهم دون وصاية أو توجيه من مصدر أعلى.
وجود بعض الاضطرابات النفسية مثل الإضطراب العصابي كالقلق والإكتئاب: ففي محاولة الشخص للخروج من دائرة القلق أو الإكتئاب يلجأ إلى نقل مجال الصراع الدائر بين النفس والمجتمع وبالتالي يصبح الصراع أقل إيلاماً للشخص وأكثر قبولا منه حيث يشعره انه يقوم بدور ما.
اضطراب الشخصية البارانوي: وهذا الشخص المتعالي المتسلط يرى انه جدير وحده بتوجيه الناس إلى ما يريد وان كل الناس عليهم أن يسمعوا ويستجيبوا، وإذا اعترضوا فلابد من قهرهم ولو بالقوة.
اضطراب الشخصية المعادي للمجتمع: وهذا الشخص يحمل بذور العداء والكراهية وعدم الولاء للمجتمع، لذلك فهو يأخذ موقف المحارب لكل القيم والأعراف والتقاليد السائدة.
التعميم والتحويل: وفي بعض الأحيان يكون التطرف مدفوعا بأشياء أخرى، يكون الشخص واقعا تحت تأثير معاناة مادية أو اجتماعية او سياسة شديدة أو فشل في أن يحقق ما يريد على مستوى الشخصي لذلك يحول القضية شخصية إلى قضية عامة وفي ذات الوقت لا يجد نفسه وحيدا في هذه الأزمة .
ثالثا أسباب اجتماعية ثقافية:
انخفاض المستوى الاجتماعي والاقتصادي لأن الأسرة الفقيرة لا تستطيع أن تدعم أفرادها وأن تزودهم بمهارات التكيف خاصة في وقت الأزمات، والتغيرات الاجتماعية الثقافية أو التكنولوجية السريعة ففي مراحل التغيرات السريعة يختل التوازن وتتداخل القيم والمفاهيم ويكثر التطرف.
ربعا أسباب دينية:
اتساع الهوة بين القيم السائدة والقيم المعلنة مما يعطي رسالة مزدوجة للشخص تدعه في خيرة وقلق وهذا يجعله يشك في مصداقية من حوله وبالتالي يصبح أكثر عدوانية نحوهم فمثلا يتعلم الطفل أو المراهق في المدرسة أو المسجد أن الكذب حرام وأن الرشوة حرام وان الظلم حرام وان الخمر حرام وان الرباء حرام، ومع ذلك يجد الكثير من الأشياء السائدة في مجتمعه فيحدث داخله صراع مؤلم يحاول التخلص منه بتحطيم مظاهر الخروج على القيم المعلنة يستريح.
ختاما ان هدف المتطرف هو التحكم والتسلط والاستعلاء على الناس وتوجيههم إلى حيث يريد قهرا وقسرا لإرضاء رغباته ونقائصه الذاتية.
أما هدف المصلح فهو التربية والتوجيه والتنوير وإرشاد الناس إلى ما يصلحهم وان يضحي بنفسه وماله في هذا الطريق وتدريس ادب الأخلاق وأدب الخلاف الديني والفكري والسياسي والاجتماعي ضمن المناهج الدراسة وإصلاح الأسرة على قواعد أساسية مادية ومعنوية وعلى المصلح أن يحمل شعاره لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه.
والحكمة تقول أيها المصلح إذا صعدت إلى القمة انظر إلى السفح لترى من عاونك في الصعود إليها وارفع يدك إلى السماء ليثبت الله أقدامك عليها.
يوسف الصالحي